قصص

قصة حب لا تعرف المستحيل وقلوب لا تعرف الفراق

في قرية صغيرة تتوسط سفوح الجبال، عاش شاب يُدعى إياد، معروف بطيبته وحكمته رغم صغر سنّه. كان الحُب بالنسبة له أسمى من المشاعر العابرة، بل هو وعدٌ مقدس. وفي الجانب الآخر من القرية، كانت هناك فتاة تُدعى ليان، جميلة كزهرة الربيع، ولكنها كانت تخشى الحب بعد أن شهدت في طفولتها حكايات انتهت بالفراق المؤلم.

في يوم من الأيام، تلاقت أعين إياد وليان في مهرجان القرية السنوي. شعرت ليان، لأول مرة، بشيء يُشبه الدفء يغزو قلبها. أما إياد، فقد رأى فيها انعكاس روحه التي طالما انتظر أن يجدها. لم يكن اللقاء عادياً، بل أشبه برقصة القدر التي لم يخطئ توقيتها.

تقدّم إياد بخطوات واثقة نحو ليان، متجاهلاً صخب المهرجان من حولهما. بادرها بالكلام بلطف:
“ليان، أتعرفين أن للحب قصصاً لا تنتهي، إن نحن منحناه فرصةً للنمو بعيداً عن الخوف؟”

تفاجأت ليان بحديثه المباشر، ولكنها شعرت في أعماقها بشيء يدفعها للإجابة:
“وكيف نعرف أن هذا الحب حقيقي؟”

ابتسم إياد، وقال:
“حين يكون أصدق من الخوف، وأقوى من الفراق.”

بدأت قصة حبّهما تنمو كزهرة برية في حقل واسع. كان إياد وليان يتشاركان كل شيء، من أحلامهما الصغيرة إلى أسرارهما العميقة. لكنه الحب، كعادته، لم يسلم من التحديات.

ذات ليلة، وبينما كان إياد يُخطط ليوم يطلب فيه يد ليان، وصلت أخبار تُزعزع كيانه. كان والد ليان قد قرّر تزويجها من رجل غني من المدينة، متجاهلاً مشاعرها ورغباتها.

واجه إياد الموقف بشجاعة. توجه إلى والد ليان، وقال له:
“أعلم أنك تريد الأفضل لابنتك، ولكن السعادة لا تُشترى بالمال. أعدك أنني سأحميها وأحبها كما لم يفعل أحد.”

ولكن والدها رفض بصرامة. كانت ليان مجبرة على الانصياع لرغبة والدها، ومع ذلك، لم تستسلم.

كتبت ليان رسالة لإياد، أخبرته فيها أنها ستنتظره مهما طال الزمن، وأن الحب الحقيقي لا ينهزم أمام الظروف. غادرت القرية مع الرجل الذي اختاره والدها، ولكن قلبها بقي مع إياد.

مرت السنوات، وكان إياد يعمل بلا كلل ليبني مستقبلاً يستطيع به أن يُثبت للجميع أنه يستحق ليان. وفي الوقت نفسه، علمت ليان أن الرجل الذي تزوجته لم يكن سوى طامع بثروة عائلتها، وكان زواجها محكوماً بالفشل منذ البداية.

بعد ثلاث سنوات، عاد القدر ليجمعهما مجدداً. عادت ليان إلى القرية بعد أن طُلّقت، وكانت تحمل في قلبها أملاً جديداً. عندما رآها إياد، لم يكن بينهما حاجة لكلمات كثيرة؛ فقد كانت نظراتهما كافية لتقول: “أنا هنا، ولن أتركك بعد اليوم.”

تقدّم إياد بطلب الزواج منها أمام الجميع في احتفال القرية ذاته الذي جمعهما أول مرة. وافقت ليان وسط دموع الفرح، وعمّ التصفيق في الأرجاء.

في يوم زفافهما، وقف إياد أمام الحضور وقال:
“لقد علمتني ليان أن الحب الحقيقي يُقاتل حتى آخر رمق، وأننا حين نحب بصدق، نصبح أقوى من كل العوائق.”

ابتسمت ليان وأضافت:
“وأنا تعلمت أن الشجاعة ليست في مواجهة الآخرين فقط، بل في مواجهة مخاوفنا لنعيش الحب كما يجب.”

عاش إياد وليان معاً حياة مليئة بالسعادة والمغامرات، حيث كانا يُثبتان في كل يوم أن الحب الحقيقي لا يعرف الفراق، وأنه يمكنه أن يتجاوز كل المحن إذا ما كان مبنياً على الإخلاص والإيمان.

هكذا انتهت قصتهما، ليس بنهاية، بل ببداية جديدة، تُذكّرنا جميعاً أن الحب الذي ينبع من أعماق القلب، يبقى أبدياً مهما طال الزمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى