قصة “الساعة التي لا تنام”
في أحد الأحياء الهادئة، كان هناك محل صغير للساعات القديمة اسمه “الساعة التي لا تنام” يديره رجل غامض يُدعى السيد عمران، المحل لم يكن يجذب الانتباه لكنه كان يحتفظ بسر عجيب، وكل من يدخل هذا المحل كان يخرج بتجربة لا تُنسى، في أحد الأيام والليالي الشتوية مساءٍ ظهرت فتاة تُدعي “ليلى”.
وهي شابة طموحة تعمل كصحفية تبحث عن قصة مميزة، ولاحظت المحل أثناء سيرها وأسمه الغريب “الساعة التي لا تنام” وأثار فضولها، ثم أسرعت إلى الداخل لتجد السيد عمران جالساً خلف طاولة خشبية قديمة محاطة بساعات عتيقة، كلها متوقفة عن العمل باستثناء ساعة واحدة كانت تدق بهدوء، وابتسم السيد عمران بهدوء وقال: “مرحباً يا ابنتي ما الذي جاء بك إلى هنا؟”.
أجابت ليلى بفضول: “أبحث عن قصة مشوقة، وبالصدفة انتابني فضول أسم المحل وما به وقيل لي إن محلكم مميز، فهل لديك أي شيء يثير الاهتمام؟” أشار السيد عمران إلى الساعة الوحيدة التي تعمل وقال: “هذه الساعة ليست كغيرها إنها تُظهر للناس لحظاتهم الأكثر أهمية، هل تجرئين على تجربتها؟”.
ترددت ليلى للحظة لكنها لم تستطع مقاومة الفضول، ووضع السيد عمران الساعة في يدها وقال: “أغلقي عينيك وامسكي بها جيدًا.” فعلت ليلى ما طُلب منها وفجأة شعرت بجذب غريب عندما فتحت عينيها، وجدت نفسها في مشهد من طفولتها، وكانت ترى نفسها كطفلة صغيرة تلعب مع والدتها التي رحلت منذ سنوات، وشعرت بدفء الذكريات والحنين، لكنها لاحظت شيئًا غريباً أن الساعة كانت تدق بشكل أسرع.
بين الدهشة والاستغراب
نظرت ليلى حولها ورأت كل تفاصيل المنزل القديم بوضوح، حتى رائحة الخبز الطازج كانت تملأ المكان، وذكرياتها مع والدتها كانت دافئة لكنها أيضًا تحمل شعورًا بالحسرة على ما فقدته، وعندما حاولت لمس والدتها وجدت نفسها تُسحب إلى مشهد آخر.
ثم تغير المشهد فجأة ووجدت نفسها في مكتبها، تُجادل رئيسها بشأن مقال كانت تؤمن به بشدة، وتذكرت تلك اللحظة وكأنها كانت بالأمس، وكانت تصرخ بحماس محاوِلة إقناعه بأهمية نشر مقال عن الفساد الإداري، لكنه رفض بعناد فأدركت أن الساعة كانت تأخذها إلى لحظات فارقة في حياتها، وكل مشهد كان يحمل درس أو رسالة.
في هذا المشهد سمعت صوت زميلها القديم “أحمد”، الذي وقف بجانبها في تلك الفترة وكان يشجعها على عدم التراجع وقال: “حتى لو لم يُنشر هذا المقال، يجب أن تبقي مخلصة لقيمك.” شعرت ليلى بالامتنان لتلك الكلمات، ولكن المشهد الأخير كان الأكثر إثارة حيث رأت نفسها في المستقبل.
وحيدة في غرفة مظلمة وكانت تبكي وهي تحمل دفترًا مليئًا بالأوراق الممزقة وسمعت صوتًا يقول: “هذا هو المصير الذي ينتظرك إن لم تتخذي القرارات الصحيحة الآن”. كان الظلام يحيط بها وكأنها كانت غارقة في الندم، وشعرت بثقل كبير يضغط على صدرها، وكأن الزمن يتوقف، وفجأة عادت “ليلى” إلى المحل والدموع تملأ عينيها.
الحياة تمنحنا فرص
ونظرت إلى السيد عمران الذي قال بهدوء: “الحياة ليست مجرد وقت نعيشه، بل قرارات نصنعها هذه الساعة تُذكرك بذلك.” غادرت ليلى المحل وهي تحمل شعوراً جديداً بالمسؤولية تجاه حياتها، ووقفت في الشارع للحظة تتأمل الساعة التي أعادها السيد عمران إلى يدها.
وأدركت أن هذه اللحظة هي بداية جديدة، وقررت أن تتبع شغفها وتُعيد النظر في قراراتها، وتبدأ في كتابة مقالات تلامس قلوب الناس الموعظة التي حملتها الساعة كانت واضحة الحياة تمنحنا فرصًا، لكن علينا أن نغتنمها بحكمة، ومنذ ذلك اليوم لم يرَ أحد السيد عمران أو محله الغامض حامل الاسم الأغرب “الساعة التي لا تنام” مرة أخرى، وكأنهما لم يكونا موجودين وأصبح ما حدث مع ليلى ذكرى محفورة في قلبها، تُلهمها كلما شعرت بالضياع.