قصص

قصة سامر وجمله “يا بني، الناس اللي بتمسك فيك وقت ضعفك، لا تتركهم أبدًا.”

في إحدى القرى الصغيرة، عاش شاب يُدعى “سامر”، معروف بين أهالي القرية بطموحه وحماسه. كان حلمه الأكبر أن يغادر قريته المتواضعة ويبحث عن فرصة أفضل في المدينة الكبيرة. لم يكن لسامر عائلة كبيرة، فقط جدته “خديجة”، التي ربّته بعد وفاة والديه. كانت خديجة دائمًا تردد على مسامعه:
“يا بني، الناس اللي بتمسك فيك وقت ضعفك، لا تتركهم أبدًا.”

لم يكن سامر يُلقي بالاً لنصيحتها، ظنًا منه أنها مجرد كلمات مُكررة بلا مغزى. كان يرى مستقبله في المدينة، حيث الأحلام تتحقق، ولم يكن شيء ليمنعه.

قرر سامر ذات يوم أن يترك القرية. جمّع مدخراته القليلة، وودّع جدته بخطاب تركه على الطاولة، دون أن يواجهها، حتى لا تضعفه دموعها عن قراره.
وصل سامر إلى المدينة، وبدأ يبحث عن عمل. لكن الواقع كان أقسى مما توقع؛ العمل كان شاقًا، والإيجار مرتفعًا، ولم يجد أي صديق يُسانده. سرعان ما نفدت نقوده، وبدأت الأيام تزداد سوادًا.

ذات يوم، وبينما كان يجلس في أحد الشوارع يفكر في حاله، رأى رجلاً يُدعى “مروان”، كان يبدو طيب القلب. اقترب منه وسأله إن كان بحاجة إلى مساعدة. بعد حديث قصير، قرر مروان توظيف سامر في متجره الصغير لبيع الملابس.
“أنا مش هقدر أدفع كتير، بس على الأقل مش هتنام في الشارع”، قال مروان بابتسامة دافئة.

عمل سامر بجد واجتهاد، وبدأ يشعر بشيء من الاستقرار. لكنه كان دائمًا يفكر في تحقيق أحلامه الأكبر. قرر أن يدخر من راتبه الصغير لتأسيس مشروعه الخاص.
لكن الأيام لم تكن كريمة معه دائمًا. بعد أشهر قليلة، تعرّض المتجر لسرقة كبيرة كادت أن تُفلس مروان تمامًا. وقف مروان أمام المتجر المدمر وهو يضع يديه على رأسه، بينما سامر يراقب المشهد بحزن.

“أنا آسف، يا سامر، ما أقدرش أكمل معاك. الوضع صعب جدًا دلوقتي”، قال مروان بأسى.

لم يكن أمام سامر خيار آخر سوى العودة إلى قريته. عاد محطمًا، خائفًا من مواجهة جدته بعد أن تركها دون وداع. لكنه عندما وصل، وجدها تنتظره بابتسامة كبيرة على وجهها.
“عارفة إنك هترجع، يا بني. القلوب اللي بتحبك بتعرف.”

أخذت خديجة تسأله عن رحلته، وتركته يتحدث بلا مقاطعة. لم تُلمه أو تعاتبه، فقط كانت تُصغي بحنان. وعندما أنهى حديثه، قالت:
“المهم إنك رجعت، والمهم إنك فهمت الدرس. الناس اللي مسكوا فيك وقت ضعفك هما اللي لازم تمسك فيهم وقت قوتك.”

أدرك سامر أن عليه أن يعوض مروان على كرمه، فقرر أن يُطبق حلمه بطريقة مختلفة. بدأ بزراعة قطعة أرض صغيرة بجوار منزله، وزرع فيها خضروات وفواكه. لم تمضِ شهور قليلة حتى بدأ المشروع يُدرّ دخلًا معقولًا.
قرر سامر أن يذهب إلى المدينة ويبحث عن مروان، ليعرض عليه شراكة جديدة. وعندما وجد مروان، فوجئ الرجل بعودة سامر وبفكرة المشروع. وافق مروان على الفور، وبدأ الاثنان معًا عملًا جديدًا.

في النهاية، لم ينسَ سامر دروسه: جدته التي آوته بحبها، ومروان الذي أعطاه الفرصة عندما تخلى عنه الجميع.

أصبحت حياته مثالاً يُحتذى به في القرية، دائمًا ما يردد على مسامع من حوله:
“امسكوا في الناس اللي مسكت فيكم لما كنتوا على وشك السقوط. دول النعمة اللي مش بتتكرر.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى